موضوع: أنت باق لم تمت، يا محمود درويش (أسماء غريب) الإثنين أغسطس 11, 2008 3:53 am
يقولون رحلت بعد سبع و ستين سنة من حياة، انتقلت فيها من مقام إلى مقام دون كلل أو ملل، وأقول أنك باق و لم تمت يا محمود. أليست الحياة روحية و الموت روحي أيضا؟ ألا توجد أجساد لا روح فيها و لا حياة بالرغم من حركتها المادية؟ أليس الوجود بصر و عمى؟ نور و ظلمة؟ فلم يقولون أنك مت و أنت كنت و لا زلت بيننا بكلماتك و بأشعارك و بفكرك بصيرا و منيرا؟
لم ترحل أيها الفلسطيني الشامخ، يا شجرا مشبعا بالخصوبة و حجرا مشبعا بالرطوبة و قمرا في منام كل حبيبة. تبا لنا من قوم حصر وجوده في مملكة الطبيعة و عالمها المشهود و اقتلع روحه من ملكوت الحياة الأبدي، فلن يستوي الظل و لا الحرور و لن يستوي الأحياء و الأموات، يا من ستخلده أعماله و أشعاره، يا من كان و لا زال بكلماته النفاذة رسولا بيننا، رسولا لم يكن له من قومه سوى الجحود و العصيان و التمرد. دعوتهم إلى البهاء و نصحتهم بالاستيقاظ من سبات الغفلة و رقاد الكسل و طلبت منهم أن يعانقوا نور الكلمة الحرة و لكن أخذتهم و لا تزال العزة بالإثم، فكانوا أجهل الخلق، يمنعون الخير عن أنفسهم و يعاندون الكلمة الحقة و هم لا يعرفون، فلا تقس عليهم يا محمود و اذكرهم عند ربك و رب الخلق أجمعين و ادع لهم بالتحرر من أسر الجهل و العمى كي يستطيعون بعد ذلك تحرير أنفسهم من كل أسر و احتلال و قهر. و إنا لله و إنا إليه راجعون و أنت السابق يا محمود درويش و نحن اللاحقون.